الأم مدرسة إذا أعددتها.... أعددت شعباً طيب الأعراق .رحم الله كل أم هي مدرسة لأبنائها في بيتها وإلا فكيف وممن يتعلم الطفل السلوك الصحيح والمنهج الإجتماعي للحياة .
هي صديقة الطفولة ورفيقة سنين الدراسة القصيرة إذا تزوجت أو الأصح زوجها أهلها من رجل ذي مركز إجتماعي مرموق .وليس مادياً حسدتها يومها الكثيرات من زميلاتها .
لم أتابع أخبارها إلا مصادفة .وعندما ذهبت لأعزيها بوفاة زوجها كانت لاتزال في الثلاثين من عمرهاخلف لها منزلاً متواضعاً وراتباً تقاعدياً لابأس به وجيشاً من الرضع والأطفال اليافعين كان أكبرهم يومها في الثانوية العامة ومرت السنون سريعة لكنها بلاشك لا كما تمر عليها هي إلتقيتها في إحدى الزيارات فكانت كما هي رزينة هادئة ترتدي العباءة الديرية التقليدية سألتها عن أحوالها وعن الأولاد فأخبرتني أنهم قد أنهوا دراستهم جميعاً إلا أصغرهم فإنه لا يزال يتابع الدراسة في كلية الحقوق أما الباقون فأكبرهم طب بشري أما الفتيات فإحداهن طب بشري والأخرى طب أسنان وأثنتان هندسة معمارية ومدنية والخامسة أدب إنكليزي .
حييتها وأكبرت فيها ذلك الإنجاز الرائع والمذهل وأخذى الفضول قدرت حول السؤال بلباقة عن كيفية تدبر الوضع المالي فقالت : خليها على الله اقتطعنا الجزء الأكبر من المنزل وأعطيناه بالايجار وكنت أقوم ببعض الأعمال اليدوية لبيعها لأحد التجار إلى جانب الراتب التقاعدي لوالدهم فقلت : والله إنك بحق أم مثالية وتستحقين أن يعلق على صدرك وسام , ابتسمت دون تعليق .
أما التي كانت تجلس إلى يساري ذات الشعر الثلاثي الألوان من الأسفل إلى الأعلى والوجه الأشبه بالقناع فقد ضيقت إحدى عينيها رافعة حاجبها إلى أقصى مدى ومطت شفتها السفلي وقالت في سخرية أقرب إلى الهمس : ( هاي .. يا سلام .. مابقي إلا ... ) لم تكمل الجملة لأني حدجتهابنظره أحد وأقزع من اللوم ثم شردت في حوار مع نفسي ألا تستحق هذه المرأة فعلاً أن يوضع على صدرها وسام ..لماذا أم أن ذلك لا يعلق إلا على صدر من تأكل بملعقة من ذهب تقدمها لها الشغالة حتى لولم تنجب وتنجز مثل صديقتي حرصاً منها على لياقة جسمها وليبقى لها الوقت الكافي للتمتمع برفاهيتها والتأطر في المجتمعات وتواكب في لباسها الموضة وتذهب إلى الكوافير فإلى متى ستظل القشور والمحسوبيات تتحكم في أجل وأقل مجالات حياتنا نحن بحاجة إلى إستطلاع