مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية
الأسئلة : إذا كنت أمام موقفين متعارضين أحدهما يقول الرياضيات في أصلها البعيد مستخلصة من العقل والأخري تقول : الرياضيات مستمدة من العالم الحسي . وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع ؟
سؤال : هل المعاني الرياضية موجودة في النفس أو أوحت بها بعض مظاهر الطبيعة
المقدمة : طرح الإشكالية
تنقسم العلوم إلي قسمين علوم تجريبية مجالها المحسوسات ومنهجها الاستقراء كالفيزياء وعلوم نظرية مجالها المجردات العقلية ومنهجها الاستنتاج كالرياضيات هذه الأخيرة أثارة جدلا حول أصل مفاهيمها ومبادئها فإذا كنا أمام موقفين أحدهما أرجع الرياضيات إلى العقل والأخر ربطها بالتجربة فالمشكلة المطروحة : هل المعاني الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل أو التجربة ؟
التحليل: محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولي
يرى العقليون ( المثاليون ) أن المفاهيم الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل وهي فطرية قائمة في النفس وهكذا الرياضيات بناء استدلالي والاستدلال نشاط عقلي فينتج عن ذلك أن المفاهيم والمبادئ الرياضية من طبيعة عقلية , هذا ما ذهب إليه أفلاطون الذي قال في كتابه الجمهورية << عالم المثل مبدأ كل موجود ومعقول أن المعرفة تذكر >> وأكد أفلاطون في محاورة مينوت أن البعد قادر على أن يكشف بنفسه كيفية وإنشاء شكل مساوئ مربع معلوم ومن دعاة هذه الأطروحة ديكارت الذي قال في كتابه التأملات << المعاني الرياضية أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية>> وهم يبررون موقفهم بحجج متنوع من أهمها الرموز الجبرية اللانهائية مفاهيم رياضية لا صلة لها بالواقع الحسي كما أنها تتصف بثلاثة خصائص, مطلقة , ضرورية , كلية, فلا يعقل أن تنتج عن العالم الحسي وتعود هذه الأطروحة إلى كانط الذي ربط المعرفة بما فيها الرياضيات , بمقولتين فطريتين هما الزمان والمكان أي أن الرياضيات في أصلها معاني فطرية لأنها شيدت على أسس فطرية فالمفاهيم الرياضية في أصلها البعيد مستمدة من العقل .
النقد :
هذه الأطروحة نسبية لأنه لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية مغروسة في النفس لتساوى في العلم بها جميع الناس لكن الأطفال لايدركون المفاهيم الرياضية إلا من خلال المحسوسات
عرض الأطروحة الثانية
يرى التجريبيون ( الحسويون ) أن المعاني الرياضية مصدرها التجربة أي المفاهيم الرياضية إذا تم تحليلها فإنها ستعود إلى أصلها الحسي ومثال ذلك أن رؤية النجوم أوحت بالنقاط والقمر يرتبط بفكرة القرص لذلك قال الحسيون << العقل صفحة بيضاء والتجربة تكتب عليه ماتشاء >> وهم يبررون موقفهم بما توصل إليه العلماء الأنتروبولوجيا الذين أكدوا أن الشعوب البدائية إستعملت الحصى وأصابع اليدين والرجلين عند حساب عدد الأيام والحيوانات التي يمتلكونها ومواسم السقي المحاصيل الزراعية مما يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي ليس هذا فقط إن المفاهيم الهندسية كالطول والعرض إنما هي مكتسبة بفضل الخبرة الحسية لذلك قال ريبو[/[COLORCOLOR="blue"]]<< حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعرض والعمق >> ومن أدلتهم أيضا أن الهندسة تاريخيا هي أسبق في الظهور من الحساب والجبر والسر في ذلك أنها مرتبطة بالمحسوسات ولو كانت المفاهيم الرياضية في أصلها مجردات عقلية لظهور الجبر قبل الهندسة كل ذلك يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي
النقد:
صحيح أن بعض المفاهيم الهندسية أصلها حسي لكن أكثر المفاهيم الرياضية الجبر لا علاقة لها بالواقع الحسي.
التركيب: الفصل في المشكلة
لاشك أن المعرفة جهد إنساني ومحاولة جادة لفهم مايحيط بنا من أشياء وإجابتك على مايدور في عقولنا من جهد وبناء مستمر وهذا مايصدق على الرياضيات وكحل توفيقي لأصل المفاهيم الرياضية نقول الرياضيات بدأت حسية ثم أصبحت مجردة وهذا ما وضحه جورج سارتون بقوله << الرياضيات المشخصة هي أول العلوم نشوءا فقد كانت في الماضي تجريدية ثم تجردت وأصبحت علما عقليا >> وذات الحل التوفيقي ذهب إليه عالم الرياضيات غونزيت الذي أكد < تلازم ماهو حسي معا ماهو مجرد في الرياضيات >
الخاتمة : حل الإشكالية
وخلاصة القول أن الرياضيات علم يدرس المقدار القابل للقياس بنوعيه المتصل والمنفصل وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول أصل المفاهيم الرياضية فهو هناك من أرجعها إلى العقل وأعتبرها فطرية وهناك من أرجعها وربطها على أساس أنها حسية نستنتج أن مصدر المفاهيم الرياضية هو تفاعل وتكامل القول مع التجربة
الاشكالية الأولى:في ادراك العالم الخارجي
المشكلة الأولى:في الاحساس والادراك
نص السؤال : هل يمكن الفصل بين الإحساس و الإدراك ؟
الإحساس : ظاهرة نفسية متولدة عن تأثر إحدى الحواس بمؤثر ما , وبذلك فهو أداة اتصال بالعالم الخارجي ووسيلة من وسائل المعرفة عند الإنسان بينما الإدراك هو عملية عقلية معقدة نتعرف بها على العالم الخارجي بواسطة الحواس ومن خلال تعريفها تظهر العلاقة القائمة بينهما والتقارب الكبير الذي يجمعهما مما أثار إشكالا لدى الفلاسفة وخاصة علماء النفس حول الذي يجمعهما مما أثار إشكالا لدى الفلاسفة وخاصة علماء النفس حول إمكانية الفصل بينهما أو عدمه, بمعنى إن شعور الشخص بالمؤثر الخارجي و الرد على هذا المؤثر بصورة موافقة هل نعتبره إحساس أم إدراك أم أنهما مع يشكلان ظاهرة واحدة ؟
إمكان الفصل بين الإحساس والإدراك :
يؤكد علم النفس التقليدي على ضرورة الفصل بين الإحساس و الإدراك و يعتبر الإدراك ظاهرة مستقلة عن الإحساس انطلاقا من أن الإحساس ظاهرة مرتبطة بالجسم فهو حادثة فيزيولوجية ومعرفة بسيطة , أما الإدراك فهو مرتبط بالعقل . أي عملية عقلية معقدة تستند إلى عوامل كالتذكر والتخيل و الذكاء وموجه إلى موضوع معين . فيكون الإحساس معرفة أولية لم يبلغ بعد درجة المعرفة بينما الإدراك معرفة تتم في إطار الزمان والمكان . حيث يقول " ديكارت " : " أنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني " . ويقول " مين دوبيران Maine de Biran : " الإدراك يزيد على الإحساس بأن آلة الحس فيه تكون أشد فعلا والنفس أكثر انتباه ... " .
وكما يختلف الإدراك عن الإحساس فكذلك يختلف عن العاطفة لأن الإدراك في نظرهم حالة عقلية والعاطفة حالة وجدانية انفعالية .
لكن إمكانية الفصل بين الإحساس و الإدراك بشكل مطلق أمر غير ممكن باعتبار أن الإدراك يعتمد على الحواس . حيث قال التهانوي : " الإحساس قسم من الإدراك " وقال الجرجاني : " الإحساس إدراك الشيء بإحدى الحواس " .
استحالة الفصل بين الإحساس والإدراك :
يؤكد علم النفس الحديث على عدم إمكانية الفصل بين الإحساس والإدراك كما أن الفلسفة الحديثة تنظر إلى الإدراك على أنه شعور بالإحساس أو جملة من الاحساسات التي تنقلها إليه حواسه , فلا يصبح عندها الإحساس و الإدراك ظاهرتين مختلفتين وإنما هما وجهان لظاهرة واحدة , ومن الفلاسفة الذين يطلقون لفظ الإحساس على هذه الظاهرة بوجهيها الانفعالي والعقلي معا " ريد Reid " حيث يقول : " الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه " .
بينما يبني الجشطالط موقفهم في الإدراك على أساس الشكل أو الصورة الكلية التي ينتظم فيها الموضوع الخارجي , فالجزء لا يكتسب معناه إلا داخل الكل . فتكون الصيغة الكلية عند الجشطالط هي أساس الإدراك . فالإدراك يعود إلى العوامل الموضوعية . فالصيغ الخارجية هي التي تفرض قوانينها علينا و تؤثر على إدراكنا , وبذلك فهي تحد من قدراتنا العقلية . وعليه فالإدراك ليس مجموعة من الاحساسات و إنما الشكل العام للصورة هو الذي يحدد معنى الإدراك . فالثوب المخطط عموديا قد يزيد من أناقة الفتاة , وذات الثوب بخطوط أفقية قد يحولها إلى شبه برميل .
لكن رد الإدراك بشكل كلي إلى الشكل الخارجي أمر لا تؤكده الحالة النفسية للإنسان فهو يشعر بأسبقية الإحساس الذي تعيشه الذات كما أن رد الإدراك إلى عوامل موضوعية وحدها , فيه إقصاء للعقل ولكل العوامل الذاتية التي تستجيب للمؤثر . وإلا كيف تحدث عملية الإدراك ؟ ومن يدرك ؟
الإدراك ينطلق من الإحساس ويتجه نحو الموضوع :
إن الإدراك عملية نشيطة يعيشها الإنسان فتمكنه من الاتصال بالموضوع الخارجي أو الداخلي , وهو عملية مصحوبة بالوعي فتمكنه من التعرف على الأشياء . والإدراك يشترط لوجوده عمليات شعورية بسيطة ينطلق منها . و هو الإحساس , بكل حالاته الانفعالية التي تعيشها الذات المدركة , ووجود الموضوع الخارجي الذي تتوجه إليه الذات المدركة بكل قواها وهو ما يعرف بالموضوع المدرك
إن الاختلاف بين علم النفس التقليدي الذي يميز بين الإحساس و الإدراك , وعلم النفس الحديث الذي لا يميز بينهما باعتبار أن العوامل الموضوعية هي الأساس في الإدراك يبقى قائما . غير أن التجربة الفردية تثبت أن الإنسان في اتصاله بالعالم الخارجي وفي معرفته له ينطلق من الإحساس بالأشياء ثم مرحلة التفسير والتأويل فالإحساس مميز عن الإدراك ليسبقه منطقيا إن لم يكن زمنيا .
-هل الإحساس الخالص وجود؟
-هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك؟
-هل الإدراك إدراك لنظام الأشياء أم ارتباط بالتجربة الحسية ؟
مقدمة: يعيش الإنسان في بيئة مادية واجتماعية تحيط بها آثارها من كل جانب وفي كل الحالات هو مطالب بالتكيف معها ومن الناحية العلمية والفلسفية تتألف الذات الإنسانية من بعدين أساسيين, أحدهما يتعلق بالجانب الاجتماعي والآخر ذاتي يتعلق بطبيعة ونوعية الاستجابة, هذه الأخيرة منها ما هو إحساس ومنها ما هو تأويل وإدراك, فإذا علمنا أن الإنسان يعيش في بيئة حسية وأن الأشياء تظهر منظمة في الواقع فالمشكلة المطروحة:
-هل الإدراك إدراك لنظام الأشياء أم ارتباط بالتجربة النفسية ؟
الرأي الأول(الأطروحة)
انطلق أنصار هذه الأطروحة من فكرةعامة أن الإدراك يرتبط بسلامة الأعضاء لأنه من طبيعة حسية ومعنى ذلك أنه إذا لم يوجد عضو لما وجد أصلا إدراك, ويتحدثون عن العوامل الموضوعية المتمثلة في الشيء المدرك {إن الإنسان لا يدرك بعض الأصوات إذا زادت عن حدّها أو ضعفت}, تعود هذه النظرية إلى "أرسطو" الذي قال {من فقد حاسة فقد معرفة} ومن حججهم الحجة التمثيلية إن التمثال بمقدار زيادة الحواس تزداد معارفه مثله مثل الإنسان, حتى قيل في الفلسفة الإنجليزية{العقل صفحة بيضاء والتجربة تخطّ عليها ما تشاء}وشعارهم {لا يوجد شيء في الأذهان ما لم يكن موجودا في الأعيان}, غير أن هذه النظرية لم تتضح معالمها إلا على يد "ريبو"الذي لاحظ أن النشاط العضلي يصحب دائما بإدراك, وان الإنسان يتعلم خصائص المكان(الطول, العرض, العمق) من التجربة الحسية, قال في كتابه [السيكولوجيا الألمانية]{إن حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعمق والعرض} والحقيقة أن هذه النظرية هاجمت التيار العقلي بل وأثبتت عجزه كما أكدت على دور وأهمية التجربة الحسية, قال "مولينو" {إذا علَّمنا الأكمة قليلا من الهندسة حتى صار يفرق بين الكرة والمكعب ثم عالجناه فسقي ثم وضعنا أمامه كرة ومكعب فهل يستطيع قبل التجربة الحسية أن يدررك كلا منهما على حدى وأن يفصله على الآخر}, ويرى "سبنسر" أن البصر هو أهم حاسة في إدراك موقع الأشياء وإذا افترضنا وجود سلسلة من الحروف (أ, ب,ج, د) فإن انتقال البصر من (أ)إلى(ب) ثم(ج ود) بسرعة بعد إحساس بالجملة كاملة لأن الأثر لا يزول إلا بعد مرور 1\5 من الثانية, وأكد على نفس الفكرة "باركلي" الذي تحدث عن الإحساس اللمسي البصري.
نقد: ما يعاب على هذه النظرية هو المبالغة في التأكيد على دور الحواس وإهمال العقل ثم أن الحيوان يمتلك الحواس ومع ذلك لا يدرك.
الرأي الثاني(نقيض الأطروحة):
أسسأنصار هذه الأطروحة موقفهم من مشكلة الإدراك بقولهم أن نظام الأشياء هو العامل الأساسي, أي كلما كانت الأشياء منظمة يسهل إدراكها, ولهذا حاربت هذه النظرية الاعتماد على فكرة الجزء (التجزئة) ودافعت عن فكرة الكل, وتعود هذه النظرية إلى "وايتمر"و"كوفكا"و"كوهلر" هؤلاء العلماء اعتمدوا على طريقة مخبرية من خلال إجراء التجارب, وكانت أكثر تجاربهم أهمية تلك التي قام بها "وايتمر" حول الرؤية الحركية وكل ذلك تم في جامعة فرانكفورت عام 1942, هذه النظرية جاءت ضد العضوية التي اعتمدت على منهجية التحليل والتفكيك فكانت تقسم الموضوع إلى إحساساته البسيطة, ومثال ذلك الغضب أو الفرح فيدرسون وضعية العينين والشفتين والجبين, ثم بعد ذلك يؤلفون هذه الإحساسات البسيطة ويقدمون تفسيرا لتلك الظاهرة بينما "الجشتالت" يرون أن الغضب لا يوجد في العينين أو الشفتين بل في الوجه ككل والفكرة التي نأخذها عن الإنسان أفضل وأوضح عندما نركز في كامل الوجه بدلا لتركيز على الأشياء مفككة, وهكذا رفض "الجشتالت" التمييز بيم الإحساس والإدراك وعندهم لا وجود لإحساس خالص كما دافعوا عن العوامل الموضوعية المتمثلة في الشيء المدرك ولم يهتموا بالعوامل الذاتية, ووقفت هذه النظرية التجريبية أننا {نرى القلم في الماء منكسرا رغم أنه في الحقيقة ليس كذلك} وحصروا مراحل الإدراك في ثلاثة مراحل [إدراك جمالي] يتم دفعة واحدة ثم [الإدراك التحليلي] الذي يعقبه [الإدراك التركيبي التفصيلي], وقالوا أن هناك خصائص ومميزات أطلقوا عليها اسم عوامل الإدراك وذكروا منها (عامل التشابه) أي {كلما تماثلت وتشابهت سهل إدراكها} و(عامل الصورة أو الخلفية) وكذلك عامل التقارب وملخص الأطروحة أن الصورة أو الشكل الذي تظهر به الأشياء هو العامل الأساسي في إدراكنا.
نقد: إن التركيز على الصورة والشكل هو اهتمام بالعوامل الموضوعية وإهمال للعوامل الذاتية ثم أننا نجد نفس الأشياء ولكن الأشخاص يختلفون في حقيقة إدراكنا.
التركيب:
إن الموقف التجريبي لا يحل مشكلة الإدراك لأن التركيز علىالحواس هو تركيز على جزء من الشخصية, والحديث عن الصورة أو الشكل كما فعل "الجشتالت" هو إهمال لدور العقل وهذا ما أكدت عليه النظرية الظواهرية التي وقفت موقفا وسطا جمعت فيه بين الحواس والعقل والشعور أي ربط الإدراك بكامل الشخصية, قال "ميرلوبنتي" {العالم ليس هو ما أفكر فيه وإنما الذي أحياه}, والحقيقة أن الإدراك ليس و مجرد فهم المعنى جافة وآلية بل هو الوصول إلى عمق المعنى, ولا يكون ذلك إلا بالشعور, ومثال ذبك عند الظواهرية أن الفرق بين العجلة الخشبية الفارغة والعجلة التي تحمل ثقلا هو فرق في الشعور أي أننا نختلف في إدراكنا للشيء الواحد اختلاف الشعور والشخصية ككل.
الخاتمة:
ومن كل ما سبق نستنتج: الإدراك لا يرتبطبالعوامل الذاتية المتمثلة في الحواس ولا العوامل الموضوعية المتمثلة الصورة أو الشكل بل يرتبط بالشخصية ككل.(الحواس والعقل والشعور)
مقالة متوقعة جدا جدا آداب و فلسفة
-ما طبيعة العلاقة الرابطة بين اللغة والفكر :أهي اتصال آمانفصال؟
فقد تعددت الآراء وتنوعت مؤكدة على أن هناك أفق واسع وشامل للفكر علىأفق اللغة أو اللغات مجتمعة, إذا ما اعتبرنا أن اللغة هي وسيلة للتواصل الإنساني , وكذلك تنوعت وسائلها من حيث الرسوم والرموز أي المكتوب والمنطوق والمرموز والمرسومهي من أخوات اللغة , وقد أنتجها التفكير الإنساني لمساعدة الفكر وفي انجاز مهامهالأخرى المتتالية.
فيتوزع الباحثين في هذا المجال , فمنهم من يرى أن هناكتكاملا فيما بينهما وفق دلائل وقرائن ويجد فريق ثاني بأن لا توجد علاقة بينهما فهماموضوعين منفصلين ويأتي فريق أكثر اعتدالا بأنه يوجد ترابط بينهما وكل واحد يوديوظيفة ما , وكل واحد مساعد للآخر بل أن كل واحد لا يستطيع أن ينفصل عن الآخر , فهلهذا في نهايته يفضي إلى القول أن هناك اندماج وظيفي بينهما؟
- ولكن لا أحديختلف مع الآخر على أن الفكر سابق على اللغة , ولكن العاطفة سابق على الفكر, وهذاما نجده عن الإنسان في سنواته الأولى من العمر, فيقول ميخائيل نعيمة في غرباله «الفكر كائن قبل اللغة , والعاطفة قبل الفكر , فهي الجوهر وهي القشور , ومن تعسالبشرية إن تفقد مقدرة قراءة الأفكار».
وكذلك يؤكد ديكارت على هذا المبدأ « بأنالفكر سابق على اللغة , وأن الفكر يستخدم اللغة لكي يعبر عن نفسه» وهذا ما يؤكد لناالمقولة بأننا نفكر قبل أن نتكلم وتبدو المسألة أكثر منطقيا عندما نقول بأننا نتكلملكي نعبر عن أفكارنا فهذه ربما تكون من المسلمات أيضا, وقد عبر هرموجينس عن نظريةاللغة « إن الاسم الذي نطلقه على الشيء , هو الاسم الصحيح فإذا استعضنا عنه أتىالثاني صحيحا كالأول , نغير أسماء عبيدنا , بدون أن يكون الاسم الجديد أقل حظا فيالدقة من السابق وذلك لأن الطبيعة لا تأخذ على عاتقها أن تطلق أسماء خاصة على أشياءخاصة ,التسمية وليدة التكرار والعادة , عند الذين زاولوا فعلتها»
- الفكر أوسعمن اللغة , والفكر يأخذ أبعادا أخرى , لا تتعلق باللغة من حيث التصورات, ولكنهيحملها مضامين تلك الأفكار, من أجل توصيلها بالشكل الذي يريد توصيلة , بموجب العقداللغوي فيما بين أبناء من يتكلمون تلك اللغة , وذلك العجز اللغوي, وليس عجزا فكريا ,عندما تكون هناك عملية الترجمة , فهي تتحدد نتائجها في بعض الأحيان من خلال النصوصالمترجمة, فيذهب بريق الفكرة في اللغة , وهذه الإشارات ربما تكون الشرارة التي يمكنمن خلالها أن تتولد منها أفكار جديدة وحديثة, أو تكون مساعدة لأفكار تتحدد معالمهافي المستقبل , فاللغة وسيلة للتعبير, ولكن الفكر ذو وجه واحد ومتعدد المقاييسوالأبعاد, وبهذا تتعدد اللغات ,والإنسان منطقيا يتفق بمجموعة من المعطيات منالدلائل والقرائن ,ويبدو أيضا أن الفكر ذو وجه واحد.
*أن الفكر يتجاوز اللغة إذأحيانا يجد الإنسان في نفسه معنى يصعب التعبير عنه لغويا, لأن الألفاظ لا تعبر إلاعن أمور سهلة , تعارف عليها المجتمع خلاف ما نجده,عندما نريد التعبير عن أفكارعاطفية أو فنية أو صوفية , وهذا يعني أن الفكر أوسع بكثير من اللغة, واللغة تبدومحدودة , بينما المعاني ليست محدودة, بمعنى أن اللغة ليست في مقدورها أن تعبر عنالفكر , قصور اللغة في ترجمة الفكر ترجمة كاملة.
*إن الفكر متصل والألفاظمنفصلة, وهذا معناه أن اللغة قابلة للتحليل والتركيب, بينما الفكر في ذهن صاحبهعبارة عن معاني متصلة ومتدفقة لا تسعها الألفاظ , ولذلك فإن الفكر أقوى من اللغة, لكن إذا تم تجسيد الأفكار في الألفاظ , فهذا يؤدي إلى فقدان قوته وقيمته, فاللغةتعرقل الفكر وتجمد بريقه, ولذلك قال برغسون «إن الألفاظ قبور المعاني « وقال أيضا «إنها لا تسجل من الشيء سوى وظيفته الأكثر شيوعا»
إن برغسون يؤكد أن دائرةالفكر أوسع من دائرة اللغة , وهذا لا يدعنا للجزم بانفصال الفكر عن اللغة حيثيتعارض مع الواقع, لأنه ليس من المنطق تصور شيء لا اسم له, ولا يمكن الفصل بين معنىومعنى آخر, إلا إذا ترجمت تلك المعاني في قوالب لغوية أي في عبارات أو جمل , فلايوجد تمايز في الأفكار فيما بينها , إلا إذا اندرجت في قوالب لغوية , يؤكد معظمفلاسفة اللغة على وجود وحدة عضوية بين اللغة والفكر.
فقد قال هاملتون إنالمعاني شبيهة بشرار النار لا تومض إلا لتغيب , ولا يمكن لإظهارها وتثبيتها إلابالألفاظ ويرى أيضا أن الألفاظ حصون المعاني.
- اللغة والفكر مرتبطان: وهذا مايراه ميرلوبونتي (أن هناك ارتباطا دياليكتيكيا بين اللغة والفكر، ولا يمكناعتبارهما، في أي حال من الأحوال، موضوعين منفصلين, إن التفكير الصامت الذي يوحيلنا بوجود حياة باطنية هو ? في الحقيقة- مونولوج داخلي يتم بين الذات ونفسها، لأناللغة والفكر يشكلان وجودا علائقيا مرتبطا ومتزامنا) كما ترى الدراسات اللسانيةالمعاصرة، فترى كريستيفا « أن بين اللغة والفكر علاقة تلازم وتبعية»وتؤكد الباحثةأيضا على « أن اللغة منظورا إليها من خارج تكتسي طابعا ماديا متنوعا: فيمكنها أنتتمظهر في صورة سلسلة من الأصوات المنطوقة، أو في صورة شبكة من العلامات المكتوبة،أو على شكل لعبة من الإيماءات، وهذه الحقيقة المادية تجسم ما نسميه فكرا، أي أناللغة هي الطريقة الوحيد التي يمكن أن يوجد بها الفكر، بل هي حقيقة وجوده وخروجهإلى الوجود» كما تقول كريستيفا « إن اللغة هي جسم الفكر»
أما رأي دولا كروا فيهذا المجال لم يكن بعيدا عن ذلك المسار في عمق التفكير وعمق اللغة وكل واحد منهمصدى للآخر» نحن لا نفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أوسيئة».
نجد لدى دوسوسير في محاضراته في الألسنية نظرة مماثلة» فهو يرى أنالفكر بدون لغة عبارة عن كتلة من الضباب لا شيء فيها يبدو متميزا واضح المعالم» إنالعلامات اللسانية في نظره هي التي تجعلنا قادرين على التمييز بين الأفكار، لا وجودإذن لأفكار قائمة بذاتها، ولا يمكن الحديث عن أفكار واضحة ومتميزة قبل ظهور اللغةوهكذا، كما يقول ديكارت» فإذا كنا نتكلم , فإننا لا نتكلم لنعبر عن الأفكار بلنتكلم لنفكر، لننتج الأفكار» وليحصل لنا الوعي بها, والدليل على ذلك هو أن الكلامالداخلي مع الذات لا يظهر إلا عندما تفكر, إننا نتكلم لنفكر, إن اللغة على حد تعبيرميرلوبونتي (أن اللغة حافز الفكر كما أن الفكر حافز اللغة، كل واحد منهما يدفعبالآخر إلى التحقق في الوجود) إن الفكرة في نظره لا تكون فكرة إلا عندما بتمالتصريح بها، ولا يتحقق حضورها حتى بالنسبة لذاتها إلا بالكلام, وإذا كانت الفكرةفي حاجة إلى اللغة لكي تتحقق، فإن اللغة بدورها في حاجة إلى الفكر, ومعنى ذلك أنهعندما نفكر نتكلم، وعندما نتكلم نفكر, إن قدرتنا اللغوية تحدد قدرتنا على التفكير،والعكس صحيح.
- ونعود مرة أخرى فنجد دوسوسير « يرى أن الفكر بدون لغة عبارة عنكتلة من الضباب لا شيء فيها يبدو متميزا واضح المعالم» وأن العلامات اللسانية فينظره هي التي تجعلنا قادرين على التمييز بين الأفكار, لا وجود إذن لأفكار قائمةبذاتها، ولا يمكن الحديث عن أفكار واضحة ومتميزة قبل ظهور اللغة, وهكذا، فإذا كنانتكلم , فإننا لا نتكلم لنعبر عن الأفكار كما يقول ديكارت، بل نتكلم لنفكر، لننتجالأفكار، وليحصل لنا الوعي بها, والدليل على ذلك هو أن الكلام الداخلي مع الذات لايظهر إلا عندما تفكر, إننا نتكلم لنفكر, إن اللغة على حد تعبير ميبلوبونتي « إنالفكرة في نظره لا تكون فكرة إلا عندما بتم التصريح بها، ولا يتحقق حضورها حتىبالنسبة لذاتها إلا بالكلام» وإذا كانت الفكرة في حاجة إلى اللغة لكي تتحقق، فإناللغة بدورها في حاجة إلى الفكر, ومعنى ذلك أنه عندما نفكر نتكلم، وعندما نتكلمنفكر, إن قدرتنا اللغوية تحدد قدرتنا على التفكير، والعكس صحيح.
- ولا أعتقد بانهناك توضيح في هذا المجال ليؤكد علاقة اللغة بالفكر مثل تعبير دوسوسير بقوله « يمكنتشبيه اللغة بورقة يكون الفكر وجهها الأول , والصوت وجهها الثاني , ولا يستطيع فصلأحد الوجهين عن الأخر, والأمر نفسه بالنسبة إلى اللغة, إذ لا يمكن عزل الصوت عنالفكر ولا الفكر»
- اللغة والفكر منفصلان : ويتجسد في موقف برغسون الذي يتلخصفي ترجيح كفة انفصال اللغة عن الفكر وعجزها عن التعبير عنه, وتلتقي مع برغسون فيعدة جوانب , من أبرزها جانب الصوفية, فما قد يفهمه الجمهور بما لا يستطيع فهمه فيرىذلك بأنه كفر وشرك وهذا يوجد بكثرة في كلام وشطحات المتصوفة (كقول الحلاج مثلا: مافي الجبة إلا الله , أو قول البسطامي: سبحاني ما أعظم شأني) ، تعجز اللغة عنترجمتها والتعبير عنها بإخلاص. لا يؤكد ذلك في العمق, لأن التجربة الصوفية تجربةروحية باطنية ووجدانية فردية.
- إذا كان التفكير مستقل عن التعبير, فاللغةتتحدد ضمن بيئة اجتماعية ضاقت أم اتسعت, وهي شارحة لصورة التفكير الفردي أو الجمعي, في حين أن التفكير يأخذ عوالم ذاتية وخارجية, وهذا ما يتجسد في الحالات الصوتيةأحيانا بأننا لا نفهم تلك العوالم لما يمكن أن تحدده تلك التصورات والفيوض التيتتجلى لهم في بعدها الشاقولي نحو الخالق, ولا تستطيع أن تعبر عنها اللغة , ونجد ذلكعند المتصوفة , حتى يقال بأن الأشياء أكثر سموا هي التي يتعذر علينا التعبير عنها , وهذا يحتاج إلى جدال فكري.
- هل التفكير يتم في صمت مطبق : هذا ما أكده هيجل فيقوله « إننا نفكر داخل اللغة, ولا يحصل لنا الوعي بأفكارنا المحددة الواقعية إلاعندما نمنحها شكلا موضوعيا ونفصلها بذلك عن حياتنا الداخلية، ونضفي عليها شكلاخارجيا، ولكن هذا الشكل ينطوي بدوره على خاصية من خصائص الأنشطة الذاتيةالداخلية»
إن كل لغة تحمل في طياتها نظرة متميزة إلى العالم, فضلا عن أنها أداةللتواصل، فهي نظرة إلى العالم في جوانب متعددة , وتشكل خصوصية متميزة وتختلف تلكالتصورات باختلاف اللغات,ولا توجد نظرة واحدة للعالم من منظور اللغة ، ربما يكون لهمنعكس غير ايجابي في عملية التواصل فيما بين الشعوب, وبالتالي مهما كانت مستوياتالترجمة فإن تلك الأحاسيس والمشاعر لا تنتقل من لغة إلى لغة أخرى بفضل تلكالخصوصية.
كما أن اختلاف اللغات يؤدي إلى تنوع طرق التفكير، وهو ما تؤكدهالبحوث التي أجريت في ميدان علم النفس المعرفي خلال العقود الأخيرة, فقد أثبتت هذهالبحوث أن أساليب التفكير تختلف من ثقافة إلى أخرى, وتبين أن مختلف اللغات تصنفالكائنات تصنيفا مختلفا, ومن هنا تأتي صعوبة الترجمة, فقد يتمكن المترجم من ترجمةالكلمات، ولكنه لن يستطيع ترجمة أسلوب التفكير الذي تعبر عنه وتحدده, هناك إذنعلاقة جدلية بين الفكر واللغة, فالفكر يحتاج في وجوده إلى اللغة, وفي المقابل تؤثراللغة في الفكر وتحدده.
وتبقى المسألة أكثر حراكا في منظومة المفاهيم ,إن لمتكن جوهر الفصل في كل المفاهيم ,وقدرة اللغة على استيعاب الفكر الذي أنتج المعانيوقبل ذلك قد أنتج اللغة.